سورة الأنبياء - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ أَنَاْ فاعبدون} استئناف مقرر لما سبق من آي التوحيد وقد يقال إن فيه تعميمًا بعد تخصيص إذا أريد من {ذِكْرٍ مّنَ قَبْلِى} [الأنبياء: 24] الكتب الثلاثة، ولما كان {مِن رَّسُولٍ} عامًا معنى فكان هناك لفظ ومعنى أفرد على اللفظ في نوحي إليه ثم جمع على المعنى في {فاعبدون} ولم يأت التركيب فاعبدني وهذا بناء على أن {فاعبدون} داخل في الموحى وجوز عدم الدخول على الأمر له صلى الله عليه وسلم ولأمته، وقرأ أكثر السبعة {يُوحَى} على صيغة الغائب مبنيًا للمفعول، وأيًا ما كان فصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارًا لصورة الوحي.


{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26)}
{وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَدًا} حكاية جناية فريق من المشركين لإضهار بطلانها وبيان تنزهه سبحانه عن ذلك إثر بيانه تنزهه جل وعلا عن الشركاء على الإطلاق وهم حي من خزاعة قالوا الملائكة بنات الله سبحانه. ونقل الواحدي أن قريشًا وبعض العرب جهينة وبني سلامة. وخزاعة. وبني مليح قالوا ذلك.
وأخرج ابن المنذر. وابن أبي حاتم عن قتادة قال: قالت اليهود إن الله عز وجل صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة فنزلت والمشهور الأول. والآية مشنعة على كل من نسب إليه سبحانه ذلك كالنصارى القائلين عيسى ابن الله واليهود القائلين عزير ابن الله تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، والتعرض لعنوان الرحمانية المنبئة عن جميع ما سواه تعالى مربوبًا له تعالى لإبراز كمال شناعة مقالتهم الباطلة {سبحانه} أي تنزهه بالذات تنزهه اللائق به على أن السبحان مدر سبح أي بعد أن أسبحه تسبيحه على أنه علم للتسبيح وهو مقول على ألسنة العباد أو سبحوه تسبيحه. وقوله تعالى: {بَلْ عِبَادٌ} إضراب وإبطال لما قالوا كأنه قيل: ليست الملائكة كما قالوا بل هم عباد من حيث أنهم مخلوقون له تعالى فهم ملكه سبحانه والولد لا يصح تملكه، وفي قوله تعالى: {مُّكْرَمُونَ} أي مقربون عندهم تعالى تنبيه على منشأ غلطهم وقرأ عكرمة مكرمون بالتشديد.


{لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)}
{لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول} أي لا يقولون شيئًا حتى يقولوه تعالى أو يأمرهم به كما هو ديدن العبيد المؤدبين ففيه تنبيه على كمال طاعتهم وانقيادهم لأمره عز وجل وتأدبهم معه تعالى، والأصل لا يسبق قولهم قوله تعالى فأسند السبق إليهم منسوبًا إليه تعالى تنزيلًا لسبق قولهم قوله سبحانه منزلة سبقهم إياه عز وجل لمزيد تنزيههم عن ذلك وللتنبيه على غاية استهجان السبق المعرض به للذين يقولون ما لم يقله تعالى، وجعل القول محل السبق وآلته التي يسبق بها وأنيبت اللام عن الإضافة إلى الضمير على ماذهب إليه الكوفيون للاختصاص والتجافي عن التكرار. وقرئ {لاَ يَسْبِقُونَهُ} بضم الباء الموحدة على أنه من باب المغالبة يقال سابقني فسبقته وأسبقه ويلزم فيه ضم عين المضارع ما لم تكن عينه أو لامه ياء، وفيه مزيد استهجان للسبق وإشعار بأن من سبق قوله تعالى فقد تصدى لمغالبته تعالى في السبق وزيادة تنزيه عما نفى عنهم ببيان أن ذلك عندهم نزلة الغلبة بعد المغالبة فإنى يتوهم صدوره عنهم {وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} بيان لتبعيتهم له تعالى في الأعمال إثر بيان تبعيتهم له سبحانه في الأقوال كأنه قيل هم بأمره يعملون لا بغير أمره تعالى أصلًا بأن يعملوا من تلقاء أنفسهم، فالحصر المستفاد من تقديم الجار بالنبسة إلى غير أمره تعالى لا إلى أمر غيره سبحانه:

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12